يوم الحادي والعشرين من آذار شاهد على وحدة الدم والعرق والإرادة مع الأرض، وليس غريبًا أن يكون هذا اليوم عيداً للأم، إنها الأم الفلسطينية ابنة الأرض المباركة التي جسد أبناؤها ملحمة معركة الكرامة في يوم ذكرى عيد الأم، هذه الملحمة التي أحدثت بارقة أمل صنعها ثوار فلسطين والجيش الأردني العظيم في الوقت الذي رفع الاحتلال شعاره المعروف " الجيش الذي لا يقهر"، خاصة بعد هزيمة الجيوش العربية في يونيو (1967م)، فكان الرد من نشامى الأردن وفرسان فلسطين بقيادة زعيم الثورة الفلسطينية ياسر عرفات وجلالة الملك الحسين بن طلال والذي هبَّ بنخوته العربية وشهامته، ليدافع عن كرامة العرب فالتحم الدم الفلسطيني والأردني في ملحمة الكرامة، وهنا نسجل أن ظلمة الليل كلما ازدادت اقترب الفجر، فكان الانتصار في معركة الكرامة دافعًا لاستنهاض ساحات المواجهة مع الاحتلال، ودعمًا معنويًا لجيوش العرب، حيث أعادت هذه الملحمة الثقة للأمة العربية جمعاء، وألقت الرعب والقلق لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا السياق نستحضر أسباب الانتصار الذي هو مكوّن أساسي في الشخصية العربية التي تأبى الهزيمة والانكسار والذل والخنوع، ونحن العرب خير أمة أُخرجت للناس لكن عندما نتمسك بصبغتنا الدينية وعقيدتنا لنكون أعزاء على الأعداء رحماء فيما بيننا، هذه معادلة وميزان يحاول الاستعمار أن يبعد العرب عنها ليصنعوا الفرقة بينهم؛ لأن وحدة العرب ستُفشل عليهم كل مخططاتهم، ولن يكون لهم كيان في المنطقة العربية ، فالأمة العربية مصيرها مشترك وسيبقى الأمل قائمًا في ملاحم تعيد أمجاد خير أمة أُخرجت للناس.
في هذه الذكرى نبارك للأسير المحرر اللواء فؤاد الشوبكي بانعتاقه بعد قضاء محكوميته في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ونترحم على شهدائنا الذين هم أكرم منا حيث نودع كل يوم شهداء في ربوع الضفة الغربية في ظل جرائم حرب من المحتل ضد أبناء الشعب الفلسطيني وكان آخرها استشهاد أربعة فلسطينيين في جنين فإن صمود وعنفوان التحدي والفداء والتضحية من مخيم نابلس وجنين وخاصة عائلة خازم التي قدمت أبناءها فداءً للوطن، فكل التحية للقائد الحاضن للمخيم أبو رعد خازم الذي قدم ومازال يقدم للوطن، وهذا يؤكد أن الصراع مع الاحتلال يتطلب تراكم الإنجاز بتحقيق النقاط لأننا لا نمتلك الضربة القاضية في صراع ممتد، وحتما فإن الثبات والصمود يحققان الانتصار، رحم الله شهداء معركة الكرامة وشهداء فلسطين والأمة العربية والإسلامية والحرية لأسرانا وأسيراتنا الماجدات داخل سجون المحتل.