هنا في أرض غزة جرائم ممتدة من شمالها لجنوبها مع اقتحامات للمسجد الأقصى.. انها غزة التي تستقبل الشهداء بدموع شامخة بين سطوة الطائرات ودوي القذائف ورثاء القصائد ..
وانت تراقب العملية الاسرائيلية وكما يقولوا أنها حققت أهدافها .. نرى على الأرض ملامح وطن غابت وغرقت بين حجم الدمار وصراخ الامهات التي ترثي اشلاء أطفالها.. فالساحات مرتبكة في ظل الاخبار الدموية المستمرة التي تنقطع مع استمرار انقطاع الكهرباء ليمر الوقت بصعوبة..
هنا غزة تكتب مصطلحاتها بالدم المغمس بالهم والوجع لتبدع في كتابة معاني لقواميس جديدة .. ربما وانت في غزة يجب أن يكتب على جباهك الحي الميت الناجي من مجزرة .. ترتكب أمام عالم متحضر لا يراعي من الحضارة الا ابرستيج لا يسمح له أن يرى غزة المنكوبة على خريطة أولوياته .. والا يرى ركام البيوت المدمرة على أشلاء ساكنيها .. فمن العجب التبرير للقاتل الذي مازال يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط لانه لا يحترم الا أمنه القائم على آهات الأبرياء ..
هنا في غزة مواطن بسيط فقير المال غني النفس والشرف يضحي ببيته ويوافق على هدمه لتعبر من فوقه الجرافات لإنقاذ ضحايا القصف الذين مازالوا يمكثون تحت الانقاذ قائلا:
(فديت بيتي علشان ينقذوا ارواحهم )كلمات المواطن اشرف القيس البسيط الذي كانت رسالته اسمى من حزب اغمى عينيه وقتل نخوة ابطاله وحجب بنادقه واوقف شعار مقاومته أمام واجبه الديني والوطني والانساني ..
أن الحرب الأخيرة على غزة كشفت اللثام الحقيقي لحركة أرادت أن تحافظ على عرشها المنفرد في غزة المنكوبة والمحاصرة .. الحركة التي كانت تتغنى بشعارات المقاومة اليوم أصبحت تتجمل بالعقلانية والعمل السياسي رغبة منها لتكون بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية والحصول على الشرعية الدولية لذلك قدمت العمل السياسي كاولوية لنهجها الجديد مع الاحتفاظ باسم جناحها العسكري القسامي الذي بات يحفظ امنها ومصالحها واستقرارها ..
وأمام الأحداث الأخيرة يجب أن نعلم أن الحركة التي كانت تخون وتكفر الأحزاب الأخرى لتغرس واقعها الاحلالي وتهاجم منظمة التحرير الفلسطينية من أجل إضعافها محليا ودوليا وتفشل السلطة الوطنية الفلسطينية لتنافسها سياسيا .. فهي من استخدمت شعارات عاطفية لتفوز بالانتخابات معتمدة على مشاعر الجماهير مستغلة عيوب السلطة في الحكم .. وهذا كله تم بالفعل لكنها لم تستطع أن تقدم أكثر مما قدمته السلطة بل وكان اداءها اسواء مما توقعه منتخبيها .. ونتج عن حكمها مالا يتوقعه أبناء شعبها من انقسام واضعاف شعبية القضية الفلسطينية دوليا وشعبيا ..
أن حماس اليوم تتنازل عن شعاراتها للبقاء على قيد الحياة من أجل ضمان استمرار واقع الانقسام والتفرد بحكم غزة مع البحث عن أدوات لشرعنتها دوليا ..
لكنا نقول لحماس أنها لن تحقق اي انجاز وطني بل ستستمر كاداة تضر بالقضية الفلسطينية دوليا ومحليا .. ولن تكون بديل مقاوم بعد اليوم فهي فقدت كل أسهمها الجماهيرية والشعبية أمام دم الأبرياء في غزة في حربين متتاليين ..
لكن رغم ذلك فلن يتوقف شعبنا أو يتخلى عن المقاومة .. فقد نختلف علي نوعية المقاومه التي تجلب نتائج لا خراب ولا شبهات فيها !!
وكفانا فصل لغزة عن الضفة أو عن انسانية الإنسان .. كفانا فصل المقاومة عن بعضها حتى لا تصبح خيار لحزب وحيد .. فالمقاومة كانت وستبقى للاحرار الذين توحدهم البندقية والدماء الفلسطينية ..
انتهت الحرب في غزة ولم تشارك حماس هذه المرة حفاظا على حكمها المستمر دون أن تتهم نفسها بالخيانة متسلحة بتبرير الاعداد للتحرير لوعد الآخرة .. رغم انها في الماضي كانت تخون السلطة عندما كانت تحكم غزة وتواصل لحتى الان باتهام السلطة بالخيانة أمام ما تتعرض له مدن الضفة رغم اشتباك أبناء الأجهزة الأمنية في بعض الأحيان لصد اجتياح المدن الفلسطينية والبوم الشهيد النابلسي اباه عقيد بالامن الوقائي .. لكنا نقول أن السلطة والمقاومة لا يجتمعان ومهما حاولت ان تتجمل حماس وتدعي المقاومة فلا مبرر لتخاذلها أمام شلال الدم النازف وجرائم الاحتلال وتطاير اشلاء الاطفال أو دفنهم تحت ركام البيوت المقصوفة ..
السلام لام شهيد أبت الا أن تذرف دموعها الا بعز وشموخ وكرامة ابنها .. اللهم ألقى الصبر على قلوب المفجوعين الذين لا حول لهم ولا قوة الا التذرع بالدعاء لله ان يصبرهم ويرحم أبنائهم .
فمن غزة إلى نابلس شلال الدم الفلسطيني نازف وشهداء كانوا رمزا لخيرة شباب هذا الشعب ..وللحديث بقية .. طالما الحروب مستمرة